Tuesday, August 19, 2008

مشوار

جزء -1

-1-
منذ ادرك الحياه وهو يراها من خلال ذلك المجال الضيق
جانبان من الظلال يصران علي تحجيم مجال رؤيته
لايتركان امامه سوي مربع من الرؤيه يتيح له فقط رؤيه ذلك الطريق امامه
وبعض من الاشجار علي جانبيه

كان لا يري فيما عدا ذلك ولكنه يشعر

يشعر برفيق رحلته الملازم له طوال سيره

يشعر بثقل عربه وراءه وثقل ذلك اللوح الخشبي الذي يربطه اليها
ذلك اللوح الذي يحول دون التفاف رقبته لاي جانب

كان ايضا يشعر كثيرا بذلك الصوت لشيء رفيع يشق الهواء
يشقه مره فيسمع صهيل ألم بجانبه
ثم يشقه مره اخري فيشعر بشيء كسكين حاد يشق جلد ظهره
فيسير اسرع ويسير رفيقه اسرع

طريق واحد يعمل عليه منذ وعي الاختلافات
طريق يستهلك منه اليوم بطوله في الذهاب والاياب
بلا لحظه للراحه في ابرد ايام الشتاء واقسي ايام الصيف

بل انه كان يكره ايام الشتاء
كانت قصيره وكثيرا ماهاجمه الليل وهو مازال في الطريق
فينهال السوط علي ظهره مرات ومرات
بينما جسده يرتعش من البروده وتتساقط ذرات الثلج علي ظهره فيكون السوط كعذاب مرسل من الجحيم

حينما ينهي مشواره اليومي
تجره يد قويه الي عمود خشبي صار هو فقط صديق لياليه
ويربط فيه بحبل قصير لا يترك له مساحه للالتفات
ليحدق فيه طوال ليلته حتي يستيقظ صاحب اليد القويه
فيجره مره اخري الي عربته ولوحه الخشبي

لا يتذكر كم مر عليه هكذا
لا يذكر ماكان عليه قبل هذا
يبدو انه ولد هكذا

يتذكر يوما واحدا لن ينساه مادام بداخله نفس يتردد

كان يسير بجانب رفيقه كالعاده
ثم فجاءه صارت العربه اثقل
حاول ان يجرها بقوه اكثر فلم يستطع
سمع الصوت الرفيع مره
واثنان
وثلاثه
وعشره
لم يسقط ايها علي ظهره
ولم يعقب اياها صهيل الم
بل كانت زمجره غضب تعقب كل صوت
يشعر بها بجانبه
فهم بالكاد ما يحدث بجواره
ولو كان يعي ماتعني كلمه عصيان لوصف بها مايحدث
ولكنه لم يعي سوي خوف جارف لايدري كهنه
وشعور خافت ينتابه كلما سمع الزمجره

وتوالت الضربات وتوالت الزمجرات
ويبدو ان الرفيق كان عناده اقوي من السوط
سمع صاحب العربه يتحدث مع من بجانبه

ثم سمع دويا يصم الاذان
ثم أنين خافت
وسقوط شيء ثقيل بجانبه علي الارض يربطه به نفس لجام العربه

لم يشعر بالحزن علي رفيقه الذي لم يراه
لم يشعر بالغضب من قاتله
غمره في تلك اللحظه شعور واحد
الخوف

سمع صاحب العربه ينزلق عنها ليفك اللوح الخشبي عن جثه رفيقه
وشعر بالسوط يشق ظهره فجمع شتات قوته ليجذب العربه وحده حتي وصل لنهايه الطريق

كان غايه في الاستسلام وتلك اليد تجره للعمود
لم يحاول استراق النظر فيما حوله كعادته بين العربه وذلك العمود الخشبي
بل سار باستسلام تام

ظل تلك الليله يحدق في ذلك العمود الخشبي بلا معني
وما ان شعر بتلك اليد تجره ثانيه الي العربه حتي سار بها دون حتي ان ينتظر جذب اللجام
..................................................................

-2-
كان كلما اغلق عيناه يري تلك الحادثه كانها حدثت امام عيناه
بل ويتخيل الجواد رفيقه الذي لم ير وجهه يوما ينظر له وهو يتركه جاذبا العربه خلفه
نظره كانت تؤلمه
لو ادرك معاني العتاب والألم والاشمئزاز ثم جمعهما في نظره جواد يحتضر لأدرك كيف يصفها لنا
ولكنه ادرك فقط انها تؤلمه وبشده

كان الخوف الذي غمره يومها يصاحبه شعور اخر أضعف لم ينساه يوما
ثم بدأ شعور الخوف يختفي شيئا فشيئا ليترك مساحه لذلك الشعور الاخر ليزداد ويقوي
كانت عدوي اصابته منذ سمع تلك الزمجره
يسمعها تتردد في اذنه بين الحين والاخر
ترجف قلبه بنشوه لم يعتادها
فيرفع نظره قليلا الي السماء
كانت تلك النظره تريح قلبه قليلا

ولكن الشعور يشتعل
والامال تزداد
ولكن الله حباه عن رفيقه بالصبر وقليلا من التعقل
فليصبر ويتحمل

صارت الايام بعد ذلك هي فرصه للملاحظه ليس الا
لمح يوما مسمارا بارزا اعلي من رأسه بسنتيمترات في عموده الخشبي
كان يظل مستيقظا قليلا بعدما يربطه صاحبه
لاحظ ان الاصوات تستمر بجانبه
ثم ترتفع الاصوات ويصاحبها مرح وضحكات
ثم يسمع صرير لابواب تغلق
ثم يخيم الصمت

بدأ يدرك ماذا تعني الايام
وادرك ان يوما بين كل سبعه ايام تكون يوما العربه اخف
كانما لا تحمل سوي صاحبه
بينما الايام الاخري تكون العربه ثقيله للغايه كانما تحمل العديد من الاشياء والاشخاص
كان هذا اليوم يعود فيه مجهدا بشكل اقل من باقي الايام

تجمعت الملاحظات في ذهنه لترتسم فكره بعينها
كان الصيف قد جاء وهو فصله المفضل فلن ينتظر الكثير
انتظر بصبر فارغ ذلك اليوم
ثم ليلته
ثم انتظر حتي سمع ذلك الصرير
وهدأت جميع الاصوات
رفع رأسه قليلا حتي تعلق ذلك المسمار بلجام عينيه ورقبته
ثم جذب جسده للوراء بقوه
كان الجزء الاول هو الاسهل فسقط اللجام ليغلق عيناه بشكل كامل
ولتكون اول خطوات طريق حريته ظلام
ثم بدأ يشعر بالم شديد والمسمار ينغرس في جبينه وبين عيناه
ولكنه تحمل وبصبر دون ان يصدر صوتا وجذب جسده للخلف اكثر

كان يدرك ان صوتا خافتا يصدر عنه قد يوقظ صاحبه ليعاود ربط قيده بطريقه ليس منها مفر
سالت الدماء عن جبينه لتغشي عيناه تحت اللجام
وازداد الالم حتي صار لا يحتمل
ولكن تمرده كان اقوي
ويبدو ان اللجام قد ادرك مدي عناده
فانهار في النهايه

للحظه لم تعتاد عيناه مجال الرؤيه المتسع حوله
ثم بدأ يعتاد شيئا فشيئأ ليري منظرا تكسوه غلاله من دماءه

كان العمود الخشبي امامه يجاوره مايقرب من سبعه اعمده اخري
قيد الي كل منها بحبل قصير جواد مثله
امامهم سلال مليئه بالطعام
انوفهم ملتصقه بالاعمده الخشبيه
وجميعهم في سبات عميق

المنزل علي يساره له باب واحد والعديد من النوافذ الضيقه
يبدو كشبح كئيب يحوطه جبل شاهق من خلفه

استدار برقبته ببطء لعدم اعتياده تحريكها من قبل
رأي خلفه اربعه عربات خشبيه ولكل منها زوج من الالواح ينتهي بلجام
نظر الي تلك الالواح نظره غضب وهم ان يحطمها لوحا لوحا
ثم ادرك انه يجب عليه الهروب سريعا قبل ان يستيقظ البشر

نظر الي يمينه ليري نفس الطريق الذي لم يسير يوما سوي فيه
تحيط به الاشجار في صفان فقط
ومن وراء الاشجار تمتد صحراء جرداء
اصابته خيبه امل بلا شك ولكنه بالتاكيد يفضل الصحراء علي حياته تلك

نظر الي السبعه اعمده التي قيد اليها ابناء جنسه
وهم بالحركه نحوها
ثم سمع صوتا عاليا من المنزل عن يساره
ثم دويا عاليا يصدر من هناك وشيئا يمرق فوق رأسه بسرعه عاليه
فاستدار الي اليمين واطلق ساقيه للرياح
الي طريقه المعتاد
ومنه
الي عرض الصحراء

بينما يعدو شعر ان قوته تضعف شيئا فشيئا
وسرعته تقل شيئا فشيئا
تنبه انه لم يعد يعدو علي اربع
رفع عيناه الي السماء مع شقشقه الفجر ليبصر طائرا يحلق عاليا في السماء
استدار الي الاتجاه الذي قدم منه الطائر
يعلم جيدا ان هذا الطائر لابد انه يسكن بجانب الماء والاشجار

لم يعلم من اين اتاه هذا اليقين
ولكنه يدرك شيئا فشيئا انه لم يعد ذلك الجواد المستعبد
لم يعد جوادا علي الاطلاق

لم يهتم كثيرا بالتفسير علي شده الاعياء الذي كان فيه
لاح امامه نهر بجانبه شجيرات صغيره
انهال علي النهر يشرب بفمه فقط
ثم بدا يرفع الماء الي فمه بيديه
نظف جرح جبينه جيدا بالماء

ثم زحف الي اسفل شجيره صغيره مستخدما اخر جزء في طاقته
ليسقط في نوم اشبه بالغيبوبه


جزء -3

انحدرت قطره الندي علي وريقه الشجره الشابه علي ضفه النهر تحت ضوء الفجر الخافت
تخللت رطوبتها مسام الوريقه في هدوء لتعينها علي نهار صيف طويل قادم
وتخللت انفاس الوريقه المشبعه بالاكسجين جزيئات القطره البارده
وفي النهايه انحدرت القطره عنها متجوهه صوب الارض

بدلا من ان تسقط ارضا كباقي صديقاتها وجدت طريقها الي طرف أنف شاب
يرقد اسفل الشجيره في نوم عميق
شاب يبدو في اوائل العشرين من عمره
يلتمع العرق علي عضلاته السمراء الصغيره
شعره يمتد حتي نهايه رقبته كجمه وقد التصقت شعرات منها علي جبينه وعلي عينيه

دغدغه سقوط قطره الندي وانعشته أنفاسها الرطبه
فتح عيناه بهدوء وعلي شفتيه شبح ابتسامه من ذلك النهار الندي
ما ان اكتملت حركه العين حتي شعر بالم خفيف في جبهته
رفع يده الي موضعه ليجد جرحا صغيرا شارعا في الالتئام
انتابه شرود بسيط وهو يفكر في سبب الجرح
كانت ذاكرته مشوشه بشده
جل مايذكر انه كان مقيدا
اسيرا او ماشابه
ثم يتذكر عدوا طويلا في صحراء ثم تنقطع الذاكره

نفض التفكير عن رأسه ليقوم من رقدته
انتبه انه عاري تماما من ملابسه وبجانيه سرج لجواد
لابد انه كان لجواده ولكن لايدري اين ذهب

كانت طبيعته ترفض ان يبقي عاريا حتي ولو لم يتواجد بجانبه احد
فحص السرج بجانبه فوجده يتكون من عده شرائح من الجلود المضغوطه
فصلها عن الي شرائح ثم وجد صعوبه لكي يصنع منها رداءا قصيرا يكسو عورته بالكاد
ثم قام الي الشجيره وامسك فرعا قويا منها
وهذبه ليصبح طرفه مدببا كسلاح مؤقت معه

كان يشعر بجوع شديد كأنما لم يذق طعاما من قبل
فسار مع امتداد النهر امامه يبحث عن شيء يتغذي عليه
مع الظهيره كان قد وجد القليل من ثمرات التفاح غير مكتمله النضج
ولكنها كانت تكفي لتسد رمقه

يذكر ان الطعام كان يوضع امامه دوما
ولكنه لا يذكر انه كان يجد له طعما
لا يدري لم تترائي له ذكرياته في تلك الصوره المشوشه فيراها كانها افكار وليست مشاهد عاشها بنفسه

جلس يستريح اسفل احدي الشجيرات وهو يلتهم تلك التفاحات التهاما
وما ان جذب الثمره الاخيره الي فمه حتي سمع خلفه جلبه وصراخا
التفت فشاهد شيخا اعزلا يعدو علي قدميه وخلفه يعدو شخصا علي جواد ممسكا بندقيه في يده
لوهله خشي علي نفسه من ان ينتبه اليه المطارد فاختبئ سريعا خلف الشجيره
ثم ترائي له مشهدا في الذاكره

كأنما رجل يسير بجانبه ثم تصيبه طلقه رصاص
ويبتعد هو في هدوء بينما ينظر له الرجل نظره لوم قاتله
يذكر جيدا ان هذا المشهد يأتيه في منامه بشكل دائم
وتقتله تلك النظره كل يوم

رفع جذع الشجره المدبب الذي يحمله وهم ان يقذفه مصوبا اياه علي القاتل الذي اعطي النهر ظهره في تلك اللحظه
ثم منعه شيئا في اعماقه ان يقتله غدرا في ظهره

فحمل الرمح البدائي وانطلق خلف القاتل محاولا الا ينتبه اليه
حتي ادركه في نفس اللحظه التي سقط الشيخ علي وجهه امامه
فقفز نحوه ضاربا اياه بالطرف الغير مدبب من رمحه مسقطا كليهما عن صهوه الجواد
تدحرجا ارضا وابتعدا للحظه عن بعضهما البعض
كانت كافيه ان يمسك القاتل بالبندقيه ويرفعها
لم يجد صديقنا مفرا فدفع برمحه البدائي الي رقبه القاتل
لتنطلق الرصاصه وهو يسقط ارضا لتعبر بالكاد اعلي رأس الشاب

جال الشيخ نظره بين مطارده وبين الشاب وهو ينظر تاره الي ملابس الشاب ورمحه البدائي
وتاره الي سلاح مطارده الذي سقط بجانبه
انتبه الي ان الشاب مازال ينظر الي جثه المطارد شاردا النظرات وكأنما لم يتوقع ان يقتله الرمح

طمأنت تلك النظرات الشيخ كثيرا ليستند واقفا ثم يقترب من الشاب بحذر ويساعده علي النهوض

جزء-4

أدهم-
أدهم-
انتبه الشاب علي نداء الشيخ
فأستدار وانتبه من جلسته علي تلك الربوه المطله علي النهر
ووقف ينظر الي صديقه العجوز وهو يصعد الربوه بخطوات خفيفه
حاملا عده اوعيه من الطعام رصت فوق بعضها

شرد أدهم بذهنه مستعيدا تسعه شهور مضت
منذ التقاه اول مره وهو يعدو هاربا

يومها لم يذكر ماضيا ولم يتذكر حتي اسمه
فأطلق العجوز عليه اسم ادهم
واستساغ الاسم كثيرا
اصطحبه العجوز معه الي مدينته الصغيره مستضيفا اياه في بيته

كانت مدينه صغيره علي ضفه النهر لا تختلف عن اي مدينه اخري في نهايات القرن الثامن عشر
حيث كان صوت البنادق هو الاعلي
يعلو حتي علي تفكير البشر

كان منزل العجوز يطل علي ضفه النهر
يذكر يوم دلف الي ذلك المنزل ان تعجب من اطلاق العجوز عليه أسم البيت

كان بناءا من طايق واحد
يشغل معظمه بهوا كبيرا مرتفع السقف
تكسو جدرانه مجلدات من الكتب ليس لها عدد

كانت صنعه العجوز نسخ الكتب وتجليدها وبيعها
يذكر يومها ان هالته تلك الكميه الضخمه من الكتب فابتسم له العجوز مخبرا اياه انها كنزه الصغير
فهم يومها انه يقصد انها رأس ماله واساس تجارته

لم يكن يعرف القراءه وقتها فاستمر مع صفوف الكتب عابرا القاعه الي النهايه حتي وجد بابان
اخبره العجوز ان احدهما معمل للطباعه بها طابعه بدائيه ورفوف من المجلدات
والاخري أصغر تحتوي سريرا واريكه حيث سينام حتي يجد له مكان افضل

انتبه من افكاره علي صديقه العجوز وقد وصل الي اعلي الربوه مبتسم الثغر كعادته وقد تسارعت انفاسه من الصعود
غمزه ادهم بعينه مخبرا اياه انه قد اصابه العجز

ابتسم العجوز ولوح بقبضته في صدر الفتي
فتفاداها الاخر في بساطه وتراجع ضاحكا كأنما يخشي غضبه
ابتسم العجوز وامسكه من يده جاذبا اياه الي شجره
فسار وراءه الشاب مصطنعا الاستسلام

-هنتغدي الاول وبعدين نشوف مين فينا اللي عجز
قالها العجوز مبتسما وهو يخرج الاطباق والخبز ليضعها امامهم

بدءا بتناول الطعام والعجوز ينظر الي الفتي

تلك اللمعه في عينيه عندما يشرد
او يضحك
او يفكر
تخفي الكثير
وتعني الكثير
تشتعل ورائها نار المعرفه والطموح
وتكسوها طبقه من حزن لا يدري سببه ولم يسأله عنه
فتحملها هيبه تستقر في قلب كل من يقابله

ابتسم عندما تذكر وهو يعلمه القراءه
تعلمها بشكل مذهل خلال شهر واحد ثم أدمن قراءه الكتب
كان يختزل اوقات الراحه والطعام والنوم ليقرأ
الا تلك الساعه التي تسبق الغذاء

كان يسبقه كل يوم الي النهر ليجلس بذات المكان
شاردا يفكر في ماضيه

ولكن العجوز لم يعلم ان ماضي الشاب المشوش لم يكن جل ما يشغل تفكيره

لو عدنا الي اللحظه التي سبقت وصول العجوز
واستدرنا حول الشاب لنواجهه
ونظرنا الي تلك العينين السوداويين وهما يحملقان في صفحه الماء التي تلتمع عليها اشعه الشمس الغاربه
وعبرنا لمعه عيناه التي يتحدث عنها العجوز الي اعماق عقل الشاب

لوجدنا قرار بترك العمل ينتظر موافقه العجوز

كان يحب الأقامه مع العجوز بشده
كان صديقه الوحيد ومعلمه الاول
كانت افضل ساعات نهاره هو تلك التي يتناولان الغذاء معا فيها ليحدثه العجوز عن سنوات عمره التي عاشها
والتجارب التي مر بها
كان يستمع اليه بكل نهمه للمعرفه ونهمه لفهم الحياه

يحب تلك البلده الصغيره وتلك الربوه علي ضفه النهر
ولكنه يكره ايقاع حياه اهلها الثابت
واستكانتهم من اجل لقمه العيش

يحب هذا العمل الذي يبقيه بجانب هوايته المحببه
ولكنه يشعر ان هذا العمل يرسم له مستقبله
سيعمل في تلك المهنه حتي ينتهي به الحال كصاحب مكتبه
متزوج ولديه اطفال
ويعمل فقط كي يوفر لهم لقمه العيش

عندما فكر في هذا الأمر شعر بوخزه في جانبه
وعاودته الذاكره المشوشه للوحا خشبيا يقيد جوادا الي عربه يسير بها في نفس الطريق
ضايقته تلك الذكري كعاده ذكريات ماضيه فنحاها عن تفكيره

ثم ان تلك الهوايه علي وجه الاخص هي سبب رغبته في ترك العمل
لقد قرأ عن كثيرا من المهن
واحب كثيرا منها

احب هندسه الماكينات
وخصوصا ماكينات الطباعه
والتعدين
احب التاريخ
واحب علم الفلك
واحب دراسه الطب
احب الادب بانواعه
احب دراسه الحيوانات وطرق معيشتها
ودراسه البشر وفلسفه حياتهم

احب الكثير ولكنه يحتاج ان يمارس لكي يختار
ان يعيش التجارب بنفسه لا ان يقرأ عنها
ان يهيم علي وجهه حتي يختار طريقه
ان يخرج نفسه من بوتقه العمل الذي لم يجد غيره
الي حياه يختارها
وعملا يشعر بالمتعه وهو يؤديه

يعلم ان الطريق لن يكون ممهدا
ولكنه يبدو ان وعوره الطريق هي اكثر مايجذبه

كان هذا مايدور بعقل الشاب قبل وصول العجوز
وهو ما جذب عقله طوال تناولهما الغذاء
حتي انتبه اليه الشيخ
فسأله عما يشغله

يتبع